د.أحمد خيري العمري
القدس العربي 2/11/2009
في مقال سابق
، كنا تطرقنا إلى العلاقة بين سبب النزول والمقصد، وهي العلاقة التي أوضحنا أنها بمثابة نقطة اختراق أولية للواقع من قبل النص الإلهي، هذه النقطة تكون مثل النقطة التي تخترق فيها الحقنة الوريدية الجسم، ثم ما تلبث أن تترك نقطة الاختراق لتتوزع في الجسم كله..
في المقال السابق، كان الحجاب هو النموذج الذي أوضحنا فيه أن سبب النزول ليس هو المقصد، بمعنى أن التفريق بين الأمة والحرة ليس هو المقصد النهائي من حكمة التشريع الإلهي وإن كانت تشمل ذلك، لكن انتفاء وجود الإماء والجواري لن ينفي التشريع وحتميته، بل سيجعلنا نبحث عن المقصد الأعم والذي يتعالى عن تفاصيل الزمان والمكان، وهذا يتطلب آلية في النظر إلى سبب النزول بإلغاء التفاصيل المباشرة والنظر إلى معانيها الأعم والأشمل، وهكذا يمكننا فهم سبب نزول آية الحجاب في التفريق بين الإماء والحرائر باعتباره “هوية” لكل مسلمة بغض النظر عن موضوع الإماء والحرائر كلياً، وكذلك يمكن فهم سبب “الخروج لقضاء الحاجة” بصفته وسيلة لتسهيل خروج المرأة ومشاركتها في المجتمع بتحييد أنوثتها عن تلك المشاركة لتقليل التشويش المحتمل عن هذا..
بعبارة أخرى: فهم سبب النزول المباشر يساعدنا في الانفصال عنه، والاتجاه نحو المقصد الأعم، ودون فهم سبب النزول سيكون هذا الانفصال معطلا، وربما لن يكون من الممكن فهم المقصد أصلا..
وإذا كانت آية الحجاب قد تعرضت لمحاولة “حصر” الحكم في سبب النزول المباشر من أجل جعل الحجاب يبدو “منتهي الصلاحية “، فإن آيات أخرى تعرضت لإطلاق غير منضبط وتعميم غير مشروط بمعزل عن فهم سبب النزول، وهو الأمر الذي يجعلها أحيانا في حالة من التصادم المباشرمع نصوص أخرى، ويجعلها أحيانا في حالة من الهيمنة والمركزية على كل ما سواها من النصوص الأخرى..
و آية “ لا إكراه فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ” البقرة 256 تمثل نموذجا لذلك الإطلاق الذي تتعرض له بعض الآيات بطريقة تجعلها تفارق سياقها الأصلي، بل وربما تتعارض مع نصوص أخرى وهذا هو الأخطر.. فقد تحولت الآية عند البعض إلى رديف مباشر لشهادة التوحيد “لا إله إلا الله”- أي إنها صارت معنى التوحيد، وصارت تساوي –حرفيا- الإسلام كله.. وليس ذلك افتراء على تيار اللا إكراه بل هو ما يتصدر دعوتهم وما ينادون به صراحة، وما يؤمن به ويطبقه – عن حق- رواده الذين نكن لصدقهم مع أنفسهم ومبادئهم كل الاحترام والتقدير.
البناء النظري للأمر يجد رواجا هذه الايام ، و هو الرواج الذي يمكن فهمه بكونه رد فعل طبيعي لحركات العنف المجاني التي استخدمت نصوصا أخرى لتبرير عنفها ، خاصة في ظل عقيدة النقص التي تدفع البعض الى أن يكونوا في موقف دفاعي عن الإسلام حتى لو كان الثمن التضحية بالثوابت.. و هي عقيدة النقص ذاتها التي تجعلهم مصرين على تقديم “شهادة حسن سيرة و سلوك ” للاسلامموجهة الى من يهمه الامر من الحكومات المحلية و الدولية على حد سواء( و الى الذات المستلبة أيضا ..!)..حتى لوكانت هذه الشهادة مزورة و حتى لو كان بناؤها النظري يعاني من تناقضات لا حل لها ..
لكن المشكلة ليست في البناء النظري فحسب ، إذ أن التطبيق العملي لهذه النظرية وخاصة من الناحية التربوية، كان لا يخلو من نتائج كارثية بدأت مقدمات آثارهاتظهر بالتدريج ويتوقع لها الازدياد إذا تم تعميم هذا الفهم وانتشاره، فقد توسع التطبيق العملي ليضم الكثير من وسائل التربية ويصنفها ضمن “الإكراه” … الترهيب والتخويف وأي نوع من العقوبة صارت “إكراها” وبما أن “لا إكراه في الدين” فهذه كلها مرفوضة من قبل هؤلاء حتى لو كانت هناك نصوص أخرى تدعمها أو تسمح بها.. بل تطرف البعض ليضع “إقناع” الطفل ضمن الإكراه حتى لو لم يستخدم أي إقسار في هذا الإقناع!!..
لسنا هنا بصدد الخوض في النتائج السلبية لكل هذا، لكننا نبحث أساسا في التأصيل النظري للأمر وفي الإطلاق الذي تعرضت له آية اللا إكراه حتى صارت بديهة لا تستحق التعليق.
سبب النزول لا يتحمل الإطلاق المستخدم
بعيدا عن كل ما هو سائد حاليا، سبب نزول الآية يخص حادثة معينة اختلف المفسرون في تفاصيلها، لكنهم لم يختلفوا في سياقها العام الذي سيقدم لنا رؤية مختلفة تماما، وغير متعارضة في الوقت نفسه مع بقية النصوص القرآنية..
1.عن ابن عباس قال: كانت المرأة تكون مقلاتا(لا يعيش لها ولد)، فتجعل على نفسها أن عاش لها ولد أن تهوده. فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا(الأنصار): لا ندع أبناءنا! فأنزل الله تعالى ذكره:”لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي”.
- عن أبي بشر، قال: سألت سعيد بن جبير عن قوله:”لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي” قال: نزلت هذه في الأنصار، قال: قلت خاصة! قال: خاصة! قال: كانت المرأة في الجاهلية تنذر إن ولدت ولدا أن تجعله في اليهود، تلتمس بذلك طول بقائه. قال: فجاء الإسلام وفيهم منهم، فلما أجليت النضير قالوا: يا رسول الله، أبناؤنا وإخواننا فيهم، قال: فسكت عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى ذكره:”لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي” قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”قد خير أصحابكم، فإن اختاروكم فهم منكم، وإن اختاروهم فهم منهم” قال: فأجلوهم معهم.
3.عن السدي :”لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي”: نزلت في رجل من الأنصار يقال له أبو الحصين: كان له ابنان، فقدم تجار من الشام إلى المدينة يحملون الزيت، فلما باعوا وأرادوا أن يرجعوا أتاهم ابنا أبي الحصين، فدعوهما إلى النصرانية، فتنصرا فرجعا إلى الشام معهم، فأتى أبوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أن ابني تنصرا وخرجا، فأطلبهما؟ فقال:”لا إكراه في الدين”. ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب، وقال: أبعدهما الله! هما أول من كفر! فوجد أبو الحصين في نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم حين لم يبعث في طلبهما، فنزلت:( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) [ سورة النساء: 65] ثم إنه نسخ:”لا إكراه في الدين” فأمر بقتال أهل الكتاب في” سورة براءة .
- نزلت في أهل الكتاب إذا قبلوا بذل الجزية لم يكرهوا على الإسلام، وذلك أن العرب كانت أمة أمية، ولم يكن لهم كتاب يرجعون إليه، فلم يقبل منهم إلاّ الإسلام أو القتل، ونزل في أهل الكتاب لا إكراه في الدين يعني إذا قبلوا الجزية فمن أعطى الجزية منهم لم يكره على الإسلام، فعلى هذا القول تكون الآية محكمة ليست بمنسوخة وقيل: بل الآية منسوخة وكان ذلك في ابتداء الإسلام قبل أن يؤمروا بالقتال ثم نسخت بآية القتال، وهو قول ابن مسعود وقال الزهري: سألت زيد بن أسلم عن قول الله تعالى لا إكراه في الدين قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين لا يكره أحداً في الدين فأبى المشركون إلاّ أن يقاتلوا فاستأذن الله في قتالهم فأذن له، ومعنى لا إكراه في الدين أي دين الإسلام..
وقيل :{ لا إكراه فِي الدِّينِ } في الكتابي إذا بذل الجزية، أو نسخت بفرض القتال..
وقيل: بل هي مخصوصه فان أهل الكتاب لا يكرهون.
و لسنا هنا بصدد أن ندلي برأي في مسألة النسخ، لكننا نعرض الأقوال لبيان أن الإطلاق الذي تتعرض له الآية حاليا غير محسوم إطلاقا، ومجرد وجود حديث فقهي عن الناسخ والمنسوخ في الأمر يدلنا على وجود آيات تتعارض ولو جزئيا مع “لا إكراه في الدين” ( آيات القتال عموما وآية الجزية في أهل الكتاب) علما أن آيات السيف تلت آية اللا إكراه وهو الأمر الذي جعل النسخ يبدو منطقيا لمن قال إن الآية منسوخة، علما أن تخصيص آيـــة اللا إكراه بكونها نزلت في أهل الكتاب وجمعها مع آية الجزية يبدو متسقا مع عموم آيات الكتاب الحكيم.. أي مع المنظومة الفكرية التي تتعامل مع الآيات الكريمة بتضافرها وتكاملها.. وليس مع منظومة تبني نفسها بانتقاء آيات متفرقة..
آلية الانتقاء والإطلاق.. منهج العنف و اللاعنف:
و قبل أن نبحث عما يمكن أن نفهمه من سبب النزول للاتجاه إلى المقصد من الآية نذّكر أن آلية الإطلاق إن صحت بالنسبة لآية اللا إكراه – فهي ستصح بالنسبة لكل آية أخرى تعارضها، فبعد كل شيء، ما الذي يجعلهم محقين بخصوص هذه الآية ويجعل من يطلق آية “وقاتلوا في سبيل الله و اعلموا أن الله سميع عليم ” البقرة244 -مثلا أو أي آية أخرى وردت في القتال- على خطأ ؟ وكل منهم يستخدم الآلية ذاتها في قراءة النص: آلية انتقاء نص معين ومنحه السلطة المطلقة على بقية النصوص وجعله العدسة التي يتم من خلالها قراءة كل النصوص سواء كان ذلك لغرض تمرير وتبرير أيدلوجية معينة، أو كان بلا غرض معين..
لا أقول هذا دفاعا عن الطرف الآخر الذي تورط في الدم الحرام، وولغ في ذلك إلى حد بعيد، لكني أؤكد فقط أن منهج التطبيق واحد حتى لو اختلفت نتائجه على المدى البعيد..
ما الذي تقوله لنا أسباب نزول هذه الآية؟ وكيف يمكن الخروج من سبب النزول الخاص إلى المقصد العام؟
عدم نزول الآية ومقصدها مع المشركين:
سبب النزول كما مر سابقا يضع الآية في محور ” إسلام أهل الكتاب” أي إنها لم تنزل في المشركين من العرب إطلاقا .. وهذا يعني ضرورة وجود “مشترك أساسي هو الكتاب بكل ما فيه من إيمان بالله وبالرسالات “- حتى لو شابه التحريف – قبل الأخذ بمبدأ القوة الذي علينا أن نقرّ أولا أنه طبق عمليا مع مشركي العرب.. وأن نقرّ أيضا أن نصوصا كثيرة لا مجال لذكرها الآن قد دعمت هذا الأسلوب مع غير أهل الكتاب دون مشركيهم…
كما أن الآية عندما نضعها مع آية الجزية سيتبين لنا أن الإكراه لا يشمل كل ما نعتقد حاليا أنه “إكراه “: فلو شاء أحد من أهل الكتاب الدخول في الإسلام وفي نيته التخلص من الجزية فحسب، فهذا ليس إكراها، ولو كان كذلك لبرز لنا تناقض ننزه الذكر الحكيم عنه، الإكراه إذن هو الإقسار بالقوة فحسب: التعذيب، التهديد بالقتل.. ويقوي ذلك ما جاء في الذكر الحكيم “ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْأُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ” والتي نزلت في عمار بن ياسر وأصحابه الذين عذبهم المشركون.. وعلى هذا سيخرج من الإكراه الوسائل المختلفة في الإقناع والحث والترغيب فقط …وسيدخل ضمنها الإكراه : القوة واستخدامها فحسب.
النفي لجنس الإكراه في لحظة دخول الدين:
لكن ما هو أهم من هذا كله هو الانتباه أن الآية تتحدث عن “الدخول في الدين”، عن اعتناق الدين، وتنفي الإكراه في هذا الأمر: من تحدث عن نفي جنس الإكراه، لكون “اللا” المستخدمة في الآية هي “لا النافية للجنس” كان محقا، لكن الأمر يخص الإكراه كله لحظة اعتناق الدين- بالمعنى الذي تحدثنا عنه من الإكراه، ولا يخص الدين كله: أي لا يخص جنس الدين وعموم تفاصيله، بل يخص الدخول فيه واعتناقه، أي إن اللحظة التي تقرر أن تدخل فيها لهذا الدين يجب أن تكون لحظة خالية من الإكراه والقسر.. عليك أن تدخل وأنت لا تكره هذا الدخول “ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [سورة الكهف: 29] لكن بعد ذلك ستكون هناك تفاصيل عليك أن توطن نفسك على قبولها، وتجبرها على أدائها حتى لو كنت في أعماقك غير مرتاح لها، حتى لو كانت لا تناسب الميل الفطري للراحة والسهولة كما في“كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ” (البقرة 216) فكون النفس البشرية تكره القتال وتميل إلى المسالمة لا يعني أن عليها أن تتجاوز الأمر الإلهي بالقتال عندما يحين الأمر، والأمر بالقتال هنا هو جزء من الدين بطبيعة الحال ما دام صادرا عن الله عز وجل..
وأداء هذا الأمر على الرغم من الكراهية الفطرية له لا يعني إطلاقا أنه “إكراه في الدين “.. لأن ذلك سيدخل في الجمع بين المتضادات التي ننزه القرآن عنها، والأمر يحل ببساطة بما مر سابقاً من كون آية “لا إكراه في الدين” تخص الاعتناق، الدخول في الدين، أما غير ذلك فلا بد من مغالبة الحرج الذي نجده في أنفسنا من بعض الأوامر الشرعية “ فلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ” والإيمان هنا هو كمال الإيمان بطبيعة الحال ورفع الحرج ومغالبة ما قد لا تميل له النفس وأهواؤها يدخل في صلب الإيمان والدين والعبودية، ولا مكان لجعل آية “لا إكراه في الدين” وسيلة لجعلنا نتوقف عن طاعة الأوامر الشرعية بحجة أننا نجد أنفسنا مكرهين عليها ما لم نقتنع بالحكمة المباشرة لها (ولا يعني ذلك قطعا عدم البحث عن الحكمة من هذا الأمر الشرعي أو ذاك لكن من قال إن تطبيق الأمر أولا يعيق فهم الحكمة؟ على العكس قد يكون التطبيق الملتزم بالأمر يفتح أبواب الفهم المتجدد)…
ليس ذلك فحسب، فالآية القرآنية الكريمة تصف وصفا دقيقا لحظة الاعتناق، لحظة الدخول في الدين التي لا بد أن تكون حاسمة وجذرية في حياة كل من يدخل هذا الدين: إنها اللحظة التي يعلن فيها الإنسان أنه قد كفر بكل ما هو طاغوت، كل ما هو غير الله، وأعلن أن هناك رشدا واحدا عليه أن يتبعه، وأن كل طريق آخر لا يؤدي إليه هو محض “غي”..إنها تلك العروة الوثقى التي لا انفصام لها التي يتمسك بها من اعتنق هذا الدين والذي لا يمكن له أن يتركه بعد أن وجده.. هل هناك وصف أدق من هذا للحظة الدخول في الدين؟؟
أليس اعتناق الدين بمثابة عقد توقعه بنفسك وتلزم نفسك بالالتزام بكل شروطه؟ حتى لو وجدت مشقة هنا وكرها في ميولك لأمر هناك؟ بل بالذات عندما تجد في نفسك حرجا ما؟ .. هل نسينا في غمرة الحديث عن الإكراه أن ديننا اسمه “الإسلام”.. وأنه – بالتعريف- يعني ذلك الاستسلام بلا قيد ولا شرط لله عز وجل.. وأن أعلى معان العبودية تضم أن تغالب ما تجده في نفسك مما يتعارض مع هذه العبودية..؟ ..
في الختام نكرر تفهمنا للظروف التي نشأ فيها تيار “اللا إكراه” وتموضعه الحرجبين مطرقة حركات العنف المجاني التي استخدمت نفس آلية الانتقاء والإطلاق وسندان الحكومات التي أنتجت العنف في زنازينها وزادت عليه، لكن “ردود الأفعال” تبقى مجرد ردود افعال ، لا تنتج فكرا إصلاحيا صامدا حتى لو كانت نية الإصلاح موجودة.. فالمجتمعات لا تصلح بالنوايا الطيبة فحسب، خاصة وأن هذا الفكر قد وجد مؤخرا من يتبناه و يروجه لمآرب أخرى لا تخفى على لبيب، و تخفىحتما على سواه!
نشر المقال السابق في جريدة القدس العربي بتاريخ 12/12/2008