د.أحمد خيري العمري
أكتوبر 2010
(على أمل أن يكون هناك موعد قريب هناك عند بيت الله الحرام، أشارك بهذا المقال المقتطف حرفيا من كتاب الفردوس المستعار و الفردوس المستعاد….و آمل أن يكون فيه ما يساهم في تفعيل الشعيرة المعظمة و منحها دورها الحقيقي ، الذي هو أكثر بكثير من مجرد غسالة للذنوب.رغم لقراري بحاجتنا جميعا إلى غسل سريع للذنوب .لكن ضمن إطار أعم و أشمل من مجرد ذلك.)
تأخذنا فريضة الحج إلى نبي الله إبراهيم، تأخذنا بالذات إلى رحلته تلك، التي رأيناه يخرج فيها أولا من كل المكرسات التقليدية الآفلة التي استخدم عقله ليرفضها ، ورأيناه يخرج من مسقط رأسه متجولاً بين حضارات العالم القديم- باحثاً عن شيء ما، عن مجتمع ما، عن فردوس مفقود ما، كان يريد، عبر رحلته تلك، أن يستعيده .
ستتذكر كيف أنه تجول بين تلك المدنيات، وكيف أن ظلمها وطغيانها وفسادها دفعه بعيداً عنها، متيقناً أن الفردوس المستعاد لن يكون هناك..
و ستذكرك تلك المدنيات بمدنيات اليوم، بظلمها وطغيانها وفسادها، ستشعر أن الأمر لم يتغير كثيراً رغم مرور آلاف السنين على رحلة إبراهيم، كل الذي تغير هو القشور والمظاهر والأدوات لكن جوهر الظلم والطغيان الذي رآه إبراهيم ظل نفسه..
.. سيبدو لك طريق الحج إلى مكة مختلفاً. إذ أنه سيكون الجزء الأهم من رحلة استعادة الفردوس، سيكون ذلك عندما وعى إبراهيم إلى حقيقة إن الفردوس المستعاد لن يكون في تلك المدنيات التي تبدو زاهرة رغم خوائها الداخلي- بل سيكون في تأسيس مجتمع من نوع آخر، في بذر أساسات جديدة لحضارة مختلفة.. في مكان سيبدو للوهلة الأولى أنه غير مهيأ لاحتواء تلك البذرة ونموها..
مكان أجرد غير ذي زرع- لن يصلح حتى ليكون تجمعاً لسكان- فكيف يصلح أن يكون بذرة لحضارة جديدة..؟
نعم، هذا ما سيبدو للوهلة الأولى، وفق مقاييس كل المدنيات الأخرى وقيمها..
لكنه لن يكون نفس المقياس- هذه المرة مع الحضارة الجديدة، ومع الفردوس المستعاد. بل سيكون هناك ميزان جديد لكل الأمور..
وها أنت تحاول أن تستعيد هذا الميزان، من أجل أن تستعيد ذلك الفردوس..
وها أنت، عبر الحج، تقتفي خطوات إبراهيم، عندما وضع قدميه على الطريق الصحيح، عندما عدل عن البحث في المدنيات الأخرى، بعدما خبرها وعرف ثوابتها، وأنطلق نحو تأسيس حضارة جديدة بثوابت مختلفة..
ها أنت تضع قدميك على نفس الطريق، تلتفت برأسك يمينا و يسارا بين مدنيات اليوم، ثم تتوجه نحو ذلك الطريق الذي سار فيه إبراهيم ليضع فيه حجر أساس مختلف، ومميز، لحضارة أخرى.. هي الفردوس المستعاد..
.. وها أنت تضع قدميك على نفس الطريق..
***********************
و يربطك ذلك على الفور بتاريخ سحيق العمق لدرجة أنك لا تعرف – ولا أحد يعرف- مدى عمقه..
*********************
فعلاً، لا أحد يعرف متى كانت تلك الرحلة الإبراهيمية، خمسة آلاف سنة من الآن، أو أقل أو أكثر.. لا أحد يعرف لها تاريخاً محدداً.. وهذا يزيد من عمق الأمر، إنك ترتبط “بالتاريخ” هنا بشكل مطلق ودون أن تدخل في تفاصيل السنين والقرون التي تفصلك عن الحدث- وسيذكرك ذلك بالتفاصيل غير المهمة عن عدد فتية الكهف التي تترفع عنها السورة لتركز على ما هو مهم..
نعم، ها هو الحج، ذلك الركن الخامس، يربطك بتاريخ عميق سحيق، يجعله فريضة، يجعله شعيرة..
يقول لك: إنك لم تولد البارحة- وأن قيمك ومثلك لم تولد البارحة، وأن خلفك تاريخ طويل عريض.. وأنك لا يمكن لك أن تتخلى عنه، إلا إذا قررت أن تتخلى عن دينك- عن أركانه.. واستبدلته بمجموعة قيم أخرى، تفتقد التاريخ، وتفتقد الحس التاريخي، بل وأكثر من ذلك، تعتبر أن التاريخ هو عبء ثقيل لا جدوى منه، وأن المهم هو “ألان، وهنا”..
*******************
ولعله من المهم هنا، الإشارة الى أن مناسك هذا الحج، هذه الفريضة، لم ترتبط في أي تفصيل من تفاصيلها، برحلة قام بها الرسول عليه الصلاة والسلام كان يمكن مثلاً أن يكون هناك في المناسك تمثلاً لرحلته عليه الصلاة والسلام من مكة الى المدينة مهاجراً، وواضعاً لأسس المجتمع الإسلامي، والحضارة الإسلامية..
لكن ذلك لم يحدث، لأنه لو حدث وقت الرسول عليه الصلاة والسلام لكف عن أن يكون (تاريخاً عميقاً).. بل لصار مجرد حادثة قريبة- (معاصرة) لزمن الرسول صلى الله عليه وسلم- لكن مناسك الحج ألقت بجذورها بعيداً منذ ذلك الوقت، لقد كان الأمر تاريخاً منذ يومها- وكان ألاف السنين منذ يومها- كان تواصلاً بين التاريخ والحاضر- (الحاضر الذي صار تاريخاً فيما بعد) .. وسيظل الأمر كذلك، ستظل تلك الفريضة تمثل ذلك التواصل التاريخي الذي يمتد إلى آلاف السنين إلى حيث أول مجتمع قام على التوحيد..
*********************
.. ستدخلك مناسك تلك الفريضة، في مناخ خاص، قد يكون غريباً كما تعودنا، لكنه في حقيقته منسجم أشد الانسجام مع قيم الفردوس المستعاد.. بالذات منسجم مع استعادة ذلك الفردوس المفقود..
منذ أن تدخل في نية “الإحرام” ستعرف أن الأمر جد، وأنك ستترك كل شيء وراءك، وستقول لك تلك التفاصيل الصغيرة المتعلقة بقص الأظافر والشعر وعدم التطيب إنك هنا تدخل مرحلة تتبدل فيها أولوياتك، وأن تلك الأمور المتعلقة بجسدك ستكون هنا محض توافه لا قيمة لها- وأنك ستنقطع عنها لأنك ستدخل مرحلة جديدة، مرحلة عليك أن ترتفع فيها عن أظافرك وشعرك وجسدك الى ما هو أعمق من ذلك.. ربما إلى داخل رأسك، أو في أعماق روحك..
المهم أنك ستترك الأجزاء الظاهرة: أظافر وشعر وجلد لن تطيبه..- لتدخل إلى ما هو أعمق..
*****************
وعندما تقوم بجمع الماء في منسك “التروية” فإن ذلك سيذكرك بصعوبة الأمر يوم كان..، سيذكرك بذلك الجهد الذي بذل، والمشاق التي تم اجتيازها..
سيذكرك جمع الماء ، في تلك الصحراء الجرداء ، كيف أن الأمر هو بالأساس عن أساسيات الحياة، عن ثوابتها عن أولوياتها ، سيأخذك ذلك من أوهامك التي بثتها حولك حياتك وتفاصيلها وسيرجع بك إلى ما هو أساسي ومهم ولا يمكن لحضارة أن تقوم من دونه… وستشعر كيف أن الأمر كان صعباً آنذاك ، مادام هو صعب الآن..
******************
.. وعندما تجمع الحصى ، سيذكرك ذلك بأنك دوماً يجب أن تكون على أهبة الاستعداد للدفاع عن قيمك ومعتقداتك ، وأنه حتى ولم يكن هناك خطر (داهم).. فأن هناك دوماً خطر (كامن).. سيذكرك جمعك للحصى بأن درب استعادة الفردوس لن يكون بلا محاولات ممن أزلك وأخرجك عن الفردوس في المقام الأول _ من أن يزلك عن درب استعادته.. سيذكرك جمعك للحصى ، بأن الخير والشر ، سيظلان يتصارعان في هذه الحياة ، وأن كلاً من هما سيرى مداً ، وسيمر بجزر ، والمهم أن تعرف أنت مع من تقف.. ومع من سيكون مدك ، وجزرك..
********************
.. وسيذكرك رميك للجمرات ، والطريقة التي تؤدي فيها ذلك ، وتحريك إصابة الهدف، بأنك يجب أن تحدد عدوك – وتعرفه.. وتميزه..
سيذكرك ذلك بأنك جزء من الصراع- سواء شئت أم أبيت، وأنك مهما حاولت أن تسير قرب الحائط، “كافياً خيرك شرك” فإن الأمر سيظل يشملك، شئت أم أبيت.. وسيظل عليك أن تحدد عدوك ومكانه وماذا يريد منك .. سيظل عليك أن تكون مستعداً….
********************
وستذكرك “الحصى الصغيرة” التي تقضي المناسك بأن تجمعها أن الأمر ليس بالحجم وبالضخامة، التي قد تؤذي الآخرين من أصحابك.. وإنما هو التوازن و الانتقاء الذي يحميك، ويحميهم، ويؤدي في الوقت نفسه دوره ضد الشر ورموزه.
********************
ستذكرك تلك الحصى الصغيرة، بحقيقة ان دورك كفرد لن يكون مؤثراً في الصراع إذا عزل عن دور الآخرين- الذين سيكون دورهم أيضاً غير مؤثر إذا عوملوا كأفراد معزولين- لكن الحصى الصغيرة، إذا اجتمعت، إذا توحد هدفها، إذا اتجهت بالرمي نحو هدف واحد..
ستذكرك الحصى الصغيرة – أنها لن تكون مؤلمة ولو قليلاً إلا إذا قيس أثرها عندما تجمع، أثرها التراكمي الذي يعكس ذوبان الفرد في الجماعة، والأنا في النحن..
****************
.. وسيذكرك تعدد مواقع رمي الحجرات، أن عدوك لن يكون له عنوان واضح أو ثابت، وانه يغير وجوهه دوماً ، وأنه يغير شعاراته، وراياته، وأنه قد يتستر أحياناً خلف شعارات جذابة- لكن ذلك لن يغير من حقيقة جوهره..
***************
وستذكرك الحصى الصغيرة، وأنت ترمي بها نحو رمز الشر، أن المواجهة بينك وبين الشر لا تشترط –بل أنها على الأغلب لا تستلزم- مواجهة عسكرية، بل إنها قد تكون مواجهة قيم، مواجهة خيارات، مواجهة وجود مجتمع بديل وخيارات بديلة..
****************
.. وسيذكرك استلامك الحجر الأسود بحقيقة أنه مجرد حجر، لا ينفع ولا يضر، ولكنه “الحجر الأساس” الذي وضعه إبراهيم ليكون اللبنة الأولى لذلك المجتمع المختلف، اللبنة الأولى لتلك الحضارة التي ستقوم، لأول مرة، على التوحيد، على فكرة التوحيد للإله الواحد الأحد..
****************
سيذكرك الحجر الأسود- وبالذات بكونه ظل حجراً أسوداً متمايزاً عن بقية بناء الكعبة – أنه سيظل حجراً أساسا ًلبناء سيظل يتطاول.. لبناء سيظل مستمرا ، وسيكون استلامك له، كجزء من المناسك ،بمثابة تحملك لمسئولية هذا البناء، على أساس هذا الحجر..
*****************
.. وستذكرك أشواط الطواف حول الكعبة، بأن الأمر كله، في هذا الدرب، درب الاستعادة والبناء، يتمحور حول هذا الحجر الأساس الذي وضعه إبراهيم، وأن كل القيم، وكل الثوابت، ستكون منبعثة من ذلك الحجر الأساس: التوحيد.. بأوسع وأشمل وأسمى معانيه…
سيذكرك الطواف، أن الأمر ليس بالقرب، أو بالبعد، بمقدار هو بالدوران حول المحور، حول البؤرة.. حول المنطلق الواحد.. حول حزمة ثوابت لن تتغير..
ستطوف وتطوف، وسيكون الرقم (سبعة) هنا ترميزاً للتكرار والاستمرار، سيكون طوافك هذا بمثابة رحلة حياتك المفترضة كلها، وفي كل مرة، تقترب فيها من الحجر الأسود، ستستلمه مجدداً، كما لو كنت تبايع تلك القيم، وتجدد تلك البيعة، مرة تلو مرة تلو مرة..
**********************
وسيذكرك السعي بين الصفا والمروة، بلحظات الشدة التي مرت بها التجربة الإبراهيمية، وستذكر جزع هاجر، وخوفها على وليدها من الموت عطشاً، وستعلم هنا أن الأمر ليس مجرد طفل رضيع تخاف أمه عليه، بل إنه تجربة حضارية، وقيم كاملة، علينا أن نخاف عليها، ونحميها، و نسعى من اجلها كما تخاف وتحافظ و تسعى أم حنونة على طفلها الباكي..
********************
وسيذكرك النحر، وتوزيع الأضاحي على الفقراء، بحقيقتين أساسيتين أولها أنك أنت السيد في هذا العالم، وأن هذا العالم بثرواته وموارده ومخلوقاته، قد خلق من أجلك..
وثانيهما، أن تصرفك أنت، في هذه الموارد والثروات، يجب أن يظل محكوماًبتوازنات العدالة الاجتماعية ومتطلباتها..
******************
وسيذكرك التحلل من الهدي، وعودتك لتفاصيل جسدية صغيرة، إنك بعد كل شيء إنسان، وإنك لم، ولن، تدع رهبنة وتبتلاً لم تصمم أساساً من اجلها- كل ما في الأمر أن أولوياتك مختلفة، وأن جسدك، موجود على قائمة اهتماماتك، لكنه ليس أولها..
******************
.. إنه التاريخ، بل عمق التاريخ ،ممثلاً في فريضة.. ممثلاً في شعيرة تعبدية، تؤديها، إذا بك ترتبط بعمق التجربة الحضارية التاريخية.
وإذا بالحاضر الذي تعيشه، الآن وهنا، يتمثل ذلك التاريخ ويتقمصه- إذا بالتاريخ يعود حياً، ينفض عليه غبار الزمان، غبار القرون المتطاولة، غبار آلاف السنين، ويعود ليسكن الحاضر، هذه اللحظة بالذات، من خلالك أنت..
إنه التاريخ- لم ينته كما يزعمون، بل لا يكف عن الاستمرار.. عبر فريضة، تنتقي من التاريخ تجربته الأهم..
وتجعلك عضواً فاعلاً في هذه التجربة..، والأهم من هذا إنها تجعلك عضواً فاعلاً في هذه التجربة ..، والاهم من هذا أنها تجعلك تستلهم هذا التاريخ، في تغيير هذا الحاضر..
(أو هذا على الأقل، هو ما يجب أن تكون عليه الأمور).
******************
لكن ألأمر لا يقف عند هذا الحد، مع هذه الفريضة، فهي لا تكتفي بوضع التاريخ- في الحاضر- من أجل إنشاء مستقبل آخر..
بل إنها أيضاً، تضع كل ذلك ضمن مناخ أخروي، يجعلك تدرك، وأنت على المحك، أن (الآخرة) ، فكرتها وحقيقة وقوعها والإيمان بها، كان موجوداً خلال كل تلك الرحلة، تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً..
ستكون الآخرة هناك في كل المناسك، تتغير المناسك، وتتدرج من واحدة لأخرى، ولكن تظل الآخرة موجودة في كل التفاصيل، تظل الآخرة، فكرتها وحقيقتها، جاثمة هناك، قريبة عليهم، يمثل قرب جلدك عليك..
بالضبط، ستكون الآخرة تلبسك.. تتلبسك..
*******************
كيف؟.
ببساطة شديدة، ودونما تعقيدات أيدلوجية، أو عمليات “غسيل مخ مزعومة”، سيكون ذلك عبر ملابس الإحرام، التي سيرتديها الجميع قطعاً وحتماً في تلك الرحلة، والتي لن تكون في حقيقتها سوى “أكفان” – بل ستكون بالضبط، كأكفان، لوناً وهيئة وتفصيلاً، وسيتساوى الجميع في هذا، الغني والفقير، العالم والجاهل، الكبير والصغير، الأمير والفقير – الكل سيتساوون مع ملابس الإحرام، كما سيتساوون مع تلك الحقيقة التي لن تجامل أحداً بلا استثناء: الموت..
سترتدي كفنك، سيكون أسمه هذه المرة ملابس الإحرام، وسيرتدي الآخرون أكفانهم أيضاً، رجالاً ونسوة، سيكون أسمها ملابس الإحرام..ستضيع الفوارق كلها هنا، ستضيع الألقاب. ستضيع الشهادات. ستضيع المظاهر، ستخلف وراءك كل ما كان يميزك ظاهرياً عن غيرك..
ستخلف قناعتك وجاهك وعزك ورياءك- لن يبقى مع كفنك هذا سوى حقيقتك الداخلية، حقيقتك التي طالما أخفيتها عن الآخرين، وستلاحظ – في زحام المكفنين من حولك- أنك تشبههم جداً، وأنك بالكاد تميز نفسك عنهم، وإنهم قد يكونون داخلياً، وعلى المحك، أفضل منك، وسيضعك ذلك كله في لحظة الحشر، عند البعث، والناس قد خرجوا للنشور- ليس عندهم غير حقائقهم .. ليس عندهم غير ما فعلوا حقاً، بغض النظر عن ما أدعوه..
********************
سيغير ذلك من الأمر كله. ها أنت تعبر الحاضر، متقمصاً التاريخ، ومتلبساً الآخرة..
سيكون الأمر كله مثل صيغة جديدة تضع المفاهيم كلها في عبوة واحدة.. (ثلاثة في واحد)، .. التاريخ، التاريخ السحيق العميق، الحاضر، الآن وهنا، والآخرة.. تلك الحقيقة الواقعة لا محالة..
وسيكون ذلك كله عبر تلك الفريضة- التي ستبدو مجرد شعيرة تعبدية للوهلة الأولى- الركن الخامس، ثابتنا الأخير الذي بدونه لا يقوم البناء.