د.أحمد خيري العمري
أغسطس 2010
هل يمكن حقا أن نفصل سيرة شخص ما عن أفكاره ومبادئه ؟.. هل يمكن حقا أن نعتقد أن حياته وخياراته الشخصية تكون بعيدة عن أفكاره ومعتقداته؟ هل يمكن تصور أن أفكاره تنشأ بمعزل عن حياته؟ وهل يمكن تصور العكس أيضا.. ألا تؤثر عقيدة شخص ما على خياراته الشخصية؟
فصل كهذا غير ممكن إلا في حالات نادرة جداً، حتى المنافقين الذي يبطنون غير ما يعلنون لا يمكن عد موقفهم هذا انفصالاً بين أفكارهم وحياتهم بقدر ما يمكن عده عدم إعلانٍ لأفكارهم الحقيقية.. لكن حياة كلٍّ منا تمثِّل انعكاساً لما نؤمن به بطريقة أو بأخرى..
الأمر أكثر دقة ومصداقية مع المفكرين والكتاب، فهم لا يؤمنون بأفكارهم فحسب بل ينتجونها أيضا ويقومون بالترويج لها.. لن ننكر قط إمكانية وجود هامش فاصل بين هذه وذاك.. لكن الفصل التام أمر مستحيل حتماً..
لا نتحدث هنا عن “سيرة شخصية” لمن يسمى بزعيم اللا قرآنيين، بالمعنى الشخصي البحت، فنحن لا نعرف عنه شيئاً بين جدران بيته ولا يهمنا ذلك أيضا في شيء طالما لم يعلنه هو.. بل نتحدث عن سيرته “المهنية” والتي نرى أنها مرتبطة جداً بواقع ما يطرحه ويروِّجه من أفكار.. وقد يكون في هذه السيرة ما يفسِّر اللغة التي يستخدمها اللا قرآنيون في هجومهم على السنة النبوية.. كما أنه يفسر أيضاً سبب الدعم الخفي الذي يقدَّم لهم ولطروحاتهم..
لا يمكن أن نحدد نقطة معينة تحوَّل فيها هذا الأزهري إلى هذا الموقف المنكر للسنة، كانت رسالته للدكتوراه تتناول إحدى الشخصيات الصوفية[i] التي يتداول العوام عنها في مصر الخرافات ويتبركون بمقامه عبر بدع وشركيات لا يقبلها دين ولاعقل،.. اصطدم بالتيار الصوفي في الأزهر في هذه المرحلة لكن ذلك لم يكن سبباً لفصله على الإطلاق من الجامعة،.. بل فُصِل لاحقاً في منتصف الثمانينات، ولم يكن قرار الإيقاف عن التدريس مرتبطاً بإنكار السنة برمتها بل مسائل تفصيلية فقط مثل: عدم التفضيل بين الأنبياء، والشفاعة، وعدم التزامه بالمنهج الأساسي في التدريس[ii]، ويبدو أن فكرة إنكار السنة لم تكن قد تبلورت عنده آنذاك لأنه بقي عضواً فاعلاً في جماعة دعوة الحق الإسلامية حتى 1986 أي بعد إيقافه عن التدريس[iii].. وهي جماعة دعوية لا تنكر السنة النبوية إطلاقا.. كما أن كتبه المنشورة في هذه المرحلة لا تعكس أبدا مثل هذا التوجه..
في مرحلة ما بعد الأزهر، بدأ إنكار السنة النبوية يتبلور أكثر عند من سيكون لاحقاً “زعيم اللا قرآنيين”.. فبعد أن أغلقت الأبواب في وجهه، “لم يجد أمامه إلا الباب الذي فتحه له الدكتور رشاد خليفة“[iv]-و التعبير مقتبس نصاً وبالحرف من موقعه الشخصي..
ورشاد خليفة لمن لا يعرفه هو مدعي نبوة وصاحب النظرية الرقمية في القرآن الكريم (مضاعفات الرقم 19) وهو أمريكي من أصل مصري، وقد رفض السنة النبوية والحديث الشريف، ورفض أيضاً أيّة آيةٍ في القرآن لا تنطبق عليها نظريته الرقمية!! .. كما أنه قرر أنه نبي وأن جبريل يأتيه دوماً، وأخبره أن التوراة والإنجيل والقرآن قد بشروا به (برشاد!).. وأن اسمه موجود رقمياً في القرآن الكريم.. وأطلق على نفسه اسم “رسول الميثاق”.. مِن أُسس الإيمان بهذا النبي إنكار السنة النبوية!![v].. أي إنه“مجنون رسمي”.. لكنه امتلك تمويلاً ضخماً من مؤسسات قيل عنها أنها يهودية وقام ببناء مسجد ومركز ضخم في ولاية أريزونا.. ثم اغتيل لاحقاً في يناير 1990.
إذن رشاد خليفة-منكر السنة النبوية ومدعي النبوة- فتح باباً لصاحبنا واستضافه في الولايات المتحدة في أواخر الثمانينات، ويقول الموقع الشخصي لأهل اللا قرآن: إن زعيم اللا قرآنيين تبرأ منه بعد ادعائه النبوة[vi]، وهذا طبعا كذب لأن رشاد ادعى النبوة منذ سنة 1981، كما أن زيارة “أمريكا” هذه كانت في سنة 1989 واستمرت 8 شهور أي إنها كانت في أواخر حياة رشاد خليفة وبعد سنوات من ادعائه النبوة..
ومن الواضح أن الأفكار الرئيسية لرشاد خليفة في إنكار السنة النبوية والهجوم المقذع على أهل الحديث ورواته انتقلت إلى زعيم القرآنيين في طريقة طرح الأفكار والاستدلالات التي يستخدمها.. لكن زعيم القرآنيين أذكى من أن يتورط بادعاء النبوة لأنه يعرف أن ذلك وحده كفيل بنسف أية دعوة من جذورها وجعلها قاصرة على بعض نزلاء المصحّات العقلية (بينما دعوته يكون كُتّابها فقط من ذوي الحاجات الخاصة وليس بالضرورة كل جمهورها)..
بعد مرحلة علاقة زعيم القرآنيين برشاد خليفة تأتي مرحلة لا تقل أهمية وتثير ألف تساؤل عن مصداقية الرجل.. فكتابه “القرآن وكفى”-الذي يعد أهم مصدر للقوم وأهم كتب زعيمهم- تمَّت كتابته بتكليف من زعيم عربي مزمن كان يحمل آنذاك راية إنكار السنة.. يعترف الكاتب تفصيلاً بذلك في مقدمة طبعة لاحقة من الكتاب[vii]،.. ويزعم أنه كمفكر حرٍّ التقى لقاءً عابراً مع رغبات ديكتاتور من أجل نشر فكره التنويري.. لكنه لا يشرح لنا لم ينتظر “المفكر الحر” هذه الفرصة ليكتب كتابه الذي يلخص منهجه ورؤيته.. مفهومٌ مثلاً أن يكون قد كتب كتابه هذا لكنه لم يجد فرصة لنشره لأي سبب من الأسباب عندها يكون عرض الحاكم العربي فرصة يمكن فهم التحالف العابر فيها.. لكنه يؤكد أنه كتب كتابه هذا وفي فترة وجيزة بعد التكليف من قبل الزعيم ويردف أيضا بأسى أنه لم يستلم باقي أتعابه المادية حتى كتابته للمقدمة (بعد خمسة عشر عاما)!!….
لكن الحاكم العربي المعروف بتقلب وغرابة أطواره ما لبث أن ضجر من قضية إنكار السنة وتوقف عن دعمها.. لذلك كان توزيع الكتاب محدودا جدا.. (هناك كلام أيضاً عن دعم سابق من قبل الزعيم نفسه لرشاد خليفة في مرحلة ما.. !!)
اكتشف زعيم القرآنيين عندها أن الزعماء العرب لا يمكن الركون لهم، وموقعه الشخصي يقول بوضوح إنه انتقل إلى ” حقبة جديدة من النضال كانت أرضيتها هي الملعب العلماني من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني“[viii].. فلنتذكر هنا أن تلك الفترة هي مرحلة ما بعد حرب الخليج والحديث عن “النظام العالمي الجديد”.. إنها رياح التغيير تهب على المنطقة و”الملعب العلماني” سيكون ملعباً رابحاً يراهن عليه زعيم القرآنيين..
خطوته الأولى في هذا الملعب كان في تأسيسه لحزب “المستقبل” [ix]مع (فرج فودة) الذي كان أبعد ما يمكن عن منهج “القرآن وكفى”.. لأنه كان صراحة ضد أي تطبيق لأية شريعة سواء كانت مستمدة من القرآن (الذي يدعي اللا قرآنيون أنهم يكتفون به).. أو من سنة نبوية.. وقد خاض فودة مناظرات مع أسماء لامعة أهمها الغزالي، وانتهت هذه المناظرات نهاية مؤسفة باغتياله، وأقول مؤسفة لأن هذا العمل الفردي الأحمق قد قوّى من موقف فودة الضعيف في المناظرات وصار “شهيداً” بالنسبة لكل اللا دينين.. ويندر جداً أن تمرّ مناقشة مع اللا دينين دون أن يأتي ذكر اسم فودة ويتم التباكي عليه، كما لو أنه يمكن أصلاً حصر أعداد الضحايا الإسلاميين الذين قتلهم العلمانيون كلما سنحت لهم الفرصة..
لاحقاً التحق زعيم القرآنيين بمركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية[x] وهو مركز سيئ السمعة والصيت بسبب تأييده الصريح للتطبيع الثقافي مع الكيان الصهيوني، والذي اعتُبر كواحد من مراكز الاختراق الإسرائيلي للعقل العربي[xi].. (زعيم القرآنيين بالمناسبة لا ينكر تهمة التطبيع على الإطلاق..[xii]) بقي المركز مفتوحاً رغم فضائحه والتركيز الإعلامي ضده من قبل جهات كثيرة، وكان هناك حديث كثير عن أموال طائلة من مصادر مشبوهة تدفع للعاملين فيه من أجل بحوثهم (من الأسماء الأخرى فيه جمال البنا.. !!).. في مرحلة لاحقة تم الإعلان أن جزءاً من المعونة الأمريكية للحكومة المصرية سيتم اقتطاعه وتحويله إلى المركز.. عندها فقط قامت الحكومة المصرية بإغلاق المركز ( أي بعد أن صار يهدد لقمتها من أمريكا !)..
منذ بداية العقد الأول في الألفية الثانية غادر زعيم القرآنيين إلى أمريكا وحصل فيها على حق اللجوء السياسي واحتفى به اليمين الأمريكي احتفاء يليق بترهاته (أقل من الاحتفاء بوفاء سلطان بكل الأحوال) وامتدحه منظر اليمين الأمريكي دانيال بايبس باعتباره “خبراً جيداً”[xiii] (خبراً جيداً لليمين الأمريكي ومخططاته حتماً).. كما تم استضافته كأستاذ محاضر في جامعة هارفارد وغيرها ليحاضر عن السلام! والديمقراطية !!.. (لم لا؟؟)..
لكن وظيفته الأهم في أمريكا هي إمداد تيار اليمين المتطرف الذي يستغل الإسلاموفوبيا(الخوف من الإسلام في الغرب) بكل ما يحتاجه من تعليقات ليغذي هذا الشعور ويذكي ناره.. يزور زعيم القرآنيين مسجداً[xiv] ويخرج مرعوباً مرتاعاً كما لو أنه التقى بأسامة بن لادن داخل المسجد، وهو يصرخ ( كتبهم التي في المسجد.. إنها مليئة بفكر الإرهاب.. !!).. بل إنه هاجم أهم منظمة إسلامية عاملة في أمريكا (منظمة كير) وهي منظمة معروفة باعتدالها وأعمالها الخيرية (اتهمها بأنها تملك ثقافة ابن لادن نفسها !!)[xv].. كما أنه كان من الموقعين على ” البيان الأممي ضد الإرهاب”[xvi] الذي أصدره من أطلقوا على أنفسهم “الليبراليون العرب، وهو البيان الهزلي الذي قدم إلى مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة لغرض إنشاء محكمة دولية لمحاكمة القرضاوي والغنوشي والغزالي (كان الأخير قد توفاه الله منذ سبع سنوات أو أكثر عندما كتب البيان!).. وسبب إصدار هذا البيان هو أن هؤلاء العلماء أصدروا في فترات متباعدة فتاوى تؤيد قتال المحتلين سواء في العراق أو فلسطين ( يكاد مريب الليبراليين العرب أن يقول خذوني!!).. وعندما أضاف زعيم اللا قرآنيين توقيعه على البيان طبّل وزمر له كتبة البيان وأشادوا به باعتباره الأزهري الأول (والأخير على ما يبدو) الذي يوقّع على البيان.. وقيل عن توقيعه إنه يقدم سنداً شرعيا للبيان!!..[xvii]
شارك زعيم اللا قرآنيين أيضا في تأسيس جمعية: “أميركيون من أجل السلم والتسامح”[xviii].. شريكاه الأساسيان في تأسيس هذه الجمعية هما شخصان يمكن لمجرد الشراكة معهما أن تقول عن الشريك كل شيء..
الشريك الأول هو تشارلز جيكوب[xix]، وهو ناشط يهودي صهيوني ،أسس وأدار مؤسسة “مشروع داود للقيادة اليهودية” الهدف الرسمي للمؤسسة هو تكوين الأصوات المؤيدة لإسرائيل وتقويتها.. وشعار المؤسسة هو نجمة داود باللونين الأزرق والأبيض طبعا.. ومكاتبها في بوسطن ونيويورك وإسرائيل!
جيكوب المعروف أيضاً بأنه من ضمن تيار الإسلاموفوبيا هو شريك مؤسس لمؤسسة “هيئة الدقة في الإعلام الخاص بالشرق الأوسط” التي تختصر بـ “كاميرا”-التي تعتبر بمثابة كلب حراسة إسرائيلي على الإعلام الأمريكي حيث يتم الهجوم على أية مؤسسة إخبارية قد تمرر خبراً ضد إسرائيل[xx] (لا سمح الله).. كاميرا نشأت بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 لأن بعض وسائل الإعلام الأمريكية قد مررت صورا أساءت لإسرائيل.. جيكوب أيضا كان من قاد حملة كبيرة للضغط على جامعة هارفارد لكي ترفض منحة قدمها الشيخ زايد لتأسيس مقعد للدراسات الإسلامية.. وقد رفضت المنحة فعلاً[xxi].. !.. كما أنه قام بحملة مماثلة لمنع برنامج يبث عبر قنوات الكيبل اسمه موزاييك[xxii] وهو برنامج يضم مقتطفات من قنوات الشرق الأوسط فقط لاحتمال وجود مادة تثير الكراهية ضد إسرائيل.. (هل يستغرب أحد بعد كل هذا أن يكون الرجل أيضا ناشطا في قضية دارفور؟؟)..
الرجل الثاني في المؤسسة هو دينيس هيل[xxiii]، وهو عضو في الهيئة التدريسية لكلية بوسطن وناشط سياسي وإعلامي وإسلاموفوبي أيضاً، اسمه يتردد حالياً في وسائل الإعلام بسبب مشاركته في الحملة المضادة لبناء مسجد في نيويورك بالقرب من مركز التجارة العالمي[xxiv]، كما إنه قاد حملة مماثلة وأكثر عنفا ضد بناء مسجد في تقاطع روكزبري بالقرب من مدينة بوسطن ولاية ماساشوسيتس، وكان زعيم اللا قرآنيين هو رأس الحربة فيها حيث قال عنهم أن القائمين على بناء المسجد “وهابيون” واستخدمت أقواله على طريقة “شهد شاهد من أهلها”.. القائمون على المسجد رفعوا لاحقاً دعوى قضائية ضد “الزعيم” ليثبتوا براءتهم !!..[xxv]
أسس الزعيم أيضا “المركز الإسلامي للتعددية” (!!)[xxvi].. مدير هذا المركز هو ستيفن شوارتز المولود لأب يهودي.. والذي يقول عن نفسه ببساطة أنه من “المحافظين الجدد”[xxvii]!!
ماذا تقول شراكات كهذه عن زعيم اللا قرآنيين؟ ربما تقول عنه كل شيء بالنسبة للبعض.. لكني أتساءل: هل بعد إنكار السنة ذنب؟ أم أن الأمرين مرتبطان؟.. (ربما يقول البعض إن كل هذه مجرد مصادفات..لكن يحتاج الأمر قدرا كبيرا من الغباء لقول ذلك فضلا عن تصديقه)..
نقطتان مهمتان أودّ أن أختم بهما..
أولا-ليس كل أدعياء التجديد بالضرورة تنطبق عليهم المواصفات السابقة من ناحية الدعم والتمويل المشبوه، المؤسسات الغربية ليست جمعيات خيرية تنفق أموالها بلا حساب على كل من هب ودب ومسك قلما ليكتب في التجديد.. لكن على هؤلاء أولاً أن يثبتوا أنفسهم ويشقوا طريقهم منفردين وبعد أن يثبتوا جدارتهم -!!- واستحقاقهم للدعم يتم التقاطهم ودعمهم..
بالإضافة إلى ذلك فإن هناك نسقاً واضحاً في اختيار هؤلاء: الأسماء التي دُعمت غربياً حتى الآن هي دوماً من الشخصيات التي تحمل لقباً علمياً (ليس بالضرورة في الشريعة) وكذلك فإنها من الشخصيات التي لا يظهر عليها “جنون واضح“.. أقول ذلك لأن جبهة أدعياء التجديد تضم الكثير من أشباه المجانين و/ أو أشباه المتعلمين، ونصيحتي الأخوية لهم بالكف عن الكتابة إذا كان هدفهم النهائي تحصيل الدعم.. أما إذا كان هدفهم غير ذلك- تحقيق الذات مثلا؟- فليحققوا ما شاؤوا من ذواتهم.. مع الدعاء بالهداية للجميع..
ثانيا-يجب الابتعاد تماما عن أي حكم بالتكفير أو الارتداد أو الحكم بالزندقة على هذه النماذج أو سواها مهما قالوا.. أقول ذلك وأؤكده: التصدي لهم ولما يقولونه وما يخططونه واجب وضروري لكن هذا شيء مختلف تمام عن التكفير .. ليس فقط لأنه ليس من مهمتنا ولا مسئوليتنا، بل لأن كلمة الكفر- حتى لو لم تكن ضمن فتوى- تصبّ دوما لصالح هؤلاء في دعايتهم لأنفسهم في الغرب خاصة عبر العزف الحزين على ناي المظلومية.. بعض كتاباتهم تبدو كما لو كانت مخصصة أصلا للحصول على حكم بالردة أو التكفير.. لكن أي متتبع لأحكام الردة والتكفير التي أصدرت في العقود الأخيرة –وبعضها كان لأهداف سياسية بحتة- يدرك أن المستفيد النهائي من هذه الأحكام كان من صدرت بحقهم.. إذ قدمت لهم فرصاً لم يكونوا يحلمون بها من الشهرة والأضواء والجامعات العالمية.. أقول ذلك وأكرر أن التصدي لهم واجب، وإن تجاهلهم لا يفعله إلا جاهل بخطرهم، لكن التكفير خطأ كبير يجب أن لا ينزلق إليه أيّ متصدٍّ لهم..
******************
أدرك طبعاً ما أحدثته هذه المقالات من ردود أفعال متباينة، ولن أكون مبالغاً إن قلت إني كنت أدرك ذلك مسبقا.. وأتحمل مسؤولية ما كتبته من قبل ومن بعد.. وآمل أن يغفر الله لي زللي ويؤجرني على صوابي..
نعم، سوف أحاسب على ما قلت.. كما سنحاسب جميعاً على ما نقول ونفعل..
لكن للتذكير فقط : نحن لا نحاسب فقط على كلامنا.. بل نحاسب على سكوتنا أيضاً.. السكوت أيضا” فعل” نحاسب عليه، رغم أن البعض ينسى ذلك.. ويفضل السكوت حتى لا يناله رذاذ من هنا أو من هناك.. أو فقط لأنه يتجاهلهم ..!..
سنحاسب جميعا.. المتكلمون والساكتون..
والسلام ختام..