د. أحمد خيري العمري
يوليو 2011
كل رمضان يأتي نستقبله غالبا بأمنيةٍ تتعلق بالتغيير, تتعلق بان نفلح في تغيير أنفسنا من خلال الشهر الكريم .. وخلال الشهر الكريم…
أمنية تتعلق بان يغادرنا الشهر الفضيل ونحن أفضل مما دخلناه . يتعلق ذلك غالبا بالمغفرة التي نطمح إليه جميعا وأيضا بان نكون من عتقاء الشهر وأيضا وهذا هو أهم بان نولد من جديد في هذا الشهر .
هل يحدث ذلك؟ أحيانا, ربما , نسبيا, نعم , وأحيانا لا يحدث . وننتظر رمضان القادم لكي نتغير وبعدها وبعدها ..وبعدها..ونبقى ننتظر !
رمضان هذه السنة سيأتيننا ليجدنا مختلفين, سيأتي رمضان ليجدنا قد تغيرنا فعلا. . تغيرت الأمة بين رمضانين . لم يصدق احد ذلك إن هذا سيحدث بهذه السرعة.. ولكن هذا ما حصل . جاء رمضان هذه السنة ليجد أن الأمة قد انبعثت من جديد.
دوما الحديث عن الولادة الرمضانية يكون حديثا فرديا شخصيا حتى لو كانت كل الشعائر مؤداة بشكل جماعي واجتماعي.. لكن الحديث دوما هو عن خلاص فردي..خلاصك كفرد..كشخص..وليس عن “الخلاص كأمة”…ليس عن الخلاص كمجتمع ..
هذه المرة تحققت معجزة: يأتي رمضان ليجد إن الأمة نفسها الأمة تخوض مخاضا جديدا لتولد من جديد… هل كان هذا نتيجة دعاء صادق من قلب مهموم مفطور على وضع الأمة, دعاء في ليلة من ليالي القدر مثلا, أن يتغير واقع الأمة ,أم إن الأمر اعقد وأعمق من ذلك تتداخل فيه السنن وتتداخل فيه الاحتياجات الاجتماعية مع هذه السنن ومع هذا الدعاء؟.. ربما… المهم أن ذلك هو ما حصل..تفسيرات ذلك قد تحتاج لعقود لاحقة…المهم هو أن نتغير الآن، وسيأتي لاحقا من يفسر سنن هذا التغيير..
رمضان تلو رمضان كنا نأمل في التغيير, رمضان هذه السنة هو فرصتنا الحقيقية في تغيير كامل لأنه يدخل علينا ونحن قد اختلفنا فعلا.. الأمة اليوم في وضع مختلف.. كانت في سبات والآن هي في غليان،في ترقب، في انتظار، لقد استيقظت ، طالما قالوا لنا إنها لن تفعل، طالما اقتنعنا إن ذلك رجع بعيد لكنها استيقظت, سبحان الله, استيقظت . جاء الربيع على هذه الأمة” على حين غرة” بعد أن ظننا إن فصول اليأس والجدب والقحط لا نهاية لها في حياتنا على الأقل..
لكن ليس هذا كل شيء..ليس المهم أن يأتي الربيع فحسب..المهم أن يثمر..المهم أن يأتي موسم الحصاد أيضا..
ورمضان فرصة أكيدة ليثمر هذا الربيع, رمضان فرصة أكيدة ليتحول هذا الاستيقاظ إلى نهوض حقيقي وتتحول الولادة إلى نضوج..
كل شيء في رمضان مضاعف .. كل شيء.. الأجر فيه مضاعف وقوتنا فيه مضاعفة وتغييرنا فيه مضاعف..
رمضان يمنحك القوة لكي تفعل ما يجب أن تفعل.. قوة مضاعفة ستمكنك من أن تفعل ما يجب ان تفعل. رمضان لن يسقط فقط الأنظمة التي يجب إن تسقط والتي ستسقط لا محالة رمضان يجب أن يسقط منظومة التفكير التي جعلت هذه الأنظمة جاثمة على عقولنا, ليس كل الأنظمة يجب أن تسقط, المهم هو أن تسقط منظومة التفكير هذه التي جعلت هذه الأنظمة جاثمة على عقولنا. رمضان يمكنه أن يسقط كل القيود التي كبلتنا لقرون, رمضان يمكنه حتى أن يسقط نفسك…
الشعب يريد أن يسقط النظام؟ نعم, وأنت أيضا أحيانا تريد إن تسقط نفسك القديمة التي نشأت عبر عقود متراكمة من كل ما هو سلبي.من اللف والدوران للتمكن من التعايش مع واقع سلبي…. رمضان يمكنه ان يسقط نفسك القديمة..ليقيم نفسك الجديدة على أسس جديدة وصائبة..
رمضان يمكنه أن يسقط كل الفهم السلبي لديننا..ويثبت إن الحديث عن فهم آخر ليس حديث خرافة..بل حديث فعل وتطبيق..
دوما يقولون في الدعايات التجارية -التي كرست رمضان شهرا استهلاكيا- رمضان غير مع “تانج” ورمضان غير مع ماجي والى آخر هذه المنتجات التي لا تحتاج للترويج أصلا..
.. هذه السنة سيكون رمضانا مختلفا حقا..ليس مع تانج أو ماجي..بل مع نفسك الجديدة التي أنتجتها الثورة…
. رمضان “غير شكل” مع الثورة …
www.youtube.com/watch?v=FQqSM00ZSlY&feature=channel_video_title