Skip to content

أحمد خيري العمري

الموقع الرسمي للكاتب أحمد خيري العمري

  • الرئيسية
  • أماكن شراء الكتب
  • السيرة الذاتية
  • عن قراءة الكتب بصيغةpdf
  • تواصل معي
  • Toggle search form

الإسلام والديمقراطية: مشكلة القص واللصق

Posted on 21 يناير، 2022 By admin لا توجد تعليقات على الإسلام والديمقراطية: مشكلة القص واللصق

الإسـلام و الديمقراطيـة: مشـكلة” القـص و اللصـق”

    د. أحمد خيري العمري

يونيو 2008  

لم يأتنا الاستبداد من كوكب آخر، كما انه لم يكن مجرد ضيف عابر علينا… لقد نشأ نتيجة لظروف معقدة و تداخلات تأريخية  و وجد تربة خصبة من التحالفات التي وفرت له النمو و الحماية ،ربما  كان أهمها تطويع بعض النصوص القرآنية و النبوية و إخراجها من سياقها  من أجل إيجاد شرعية  للاستبداد و تطلب الأمر أحيانا  اختراع نصوص أخرى من اجل تكريس المزيد من الاستبداد ، وكل ذلك  تراكم مع الفتاوى التبريرية   و ضرب طوقاً من الحصانة و القداسة على مفهوم الاستبداد برمته .

وهكذا فان الاستبداد  ليس مجرد علاقة بين طرفين ( حاكم و محكوم ) ، بل هو منظومة ثقافية كاملة – شروط الاستبداد لا تغمر طرفاً واحدا فيها بل تغمر الجميع : حكاماً و محكومين .. إنها معادلة اجتماعية كاملة، الإطاحة بطرف واحد لن ينهي الاستبداد بل سيغير من شكله فقط، و سيفرز أشكالا و أنماطا جديدة منه.

كذلك فان الديمقراطية لم تأت الى أوربا من كوكب آخر و لم يستيقظ البريطانيون  (أصحاب اعرق ديمقراطية حديثة في أوروبا) فجأة في (1969م) ليقوموا بأول اقتراع شارك فيه كل المواطنين” ذكورا و إناثا” فوق سن ألـ 18، بل استغرق الأمر أكثر من ستة قرون منذ أول تصويت شارك فيه كبار ملاك الأراضي فقط لينتخبوا أول برلمان  في(1265 م) و زاد عددهم بالتدريج خلال القرون الستة بتقليل مساحات الأراضي المطلوبة للمشاركة في التصويت ، لم يتمكن ذكر بالغ في بريطانيا لا يمتلك قطعة ارض من المشاركة في التصويت إلا في  عام  1918- أما المرأة بنفس العمر فقد  انتظرت خمسة عقود أخرى إلى أن تمكنت من ذلك، أي إلى أن  وصل الأمر للاقتراع العام  بمفهومه الحالي… هذه القرون الطويلة أنشأت مفاهيم و مؤسسات، و كونت منظومة ثقافية  واضحة المرجعية ، أنتجت ذلك الفرد الذي ذهب ليشارك في أول اقتراع  عام ..فرد استغرق تكوينه أكثر من ستة قرون.

التصور إن “الفرد” الذي تكون عبر قرون الانحطاط و السلبية و تقديس الاستبداد ، يمكن أن يتغير ليصير فردا آخرا بمجرد وقوفه إمام صندوق الاقتراع ، هو تصور سطحي ، يعتمد على إمكانية  استنساخ نتائج التفاعل  و نقلها دون شروطه و معادلته الأصلية، و الحديث الجاري عن توافق الإسلام و الديمقراطية الذي يصل عند البعض إلى حد “إن الإسلام هو الديمقراطية” لا يملك من الحقيقة أكثر مما تملكه الشعارات البراقة ، ليس لأن الديمقراطية تتعارض – أو لا تتعارض- مع الإسلام ، و لكن لأن الخوض في هذا كله يجب أن تسبقه مراجعة حقيقية لأسباب الاستبداد و جذوره العميقة التي تمتلك طوقا من الحصانة و القداسة يجعل مراجعتها يشبه التنقيب و الحفر في حقل من الألغام . من السهل طبعا القول إن الإسلام ضد الاستبداد  و ”  متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا”- و ذلك صحيح لكن  لا علاقة له بالديمقراطية طبعا – الأهم من هذا هو مراجعة أقوال و فتاوى أخرى تكرس و تبرر الاستبداد ،  غض النظر عن هذه الأقوال  و عن مرجعيتها لن ينفي وجودها و إمكانية استنفارها في أي وقت طالما بقيت كامنة في العقل الجمعي.

و الحقيقة هي إن الديمقراطية في هذا السياق صارت تبدو كما لو أنها ” هدفاً ” بحد ذاته و ليست ” وسيلة “.    وقد عملت وسائل الإعلام على الترويج للديمقراطية بهذا الشكل و إسباغ صفات القداسة عليها ، و اختزال نجاحات الحضارة الغربية و ازدهارها بربطها بالديمقراطية و رغم إن هذا كله بعيد عن العلمية و الموضوعية فالديمقراطية فصل من فصول التجربة الغربية و ليست فصلها  الأوحد ، و قد سبقتها فصول أهم مثل النهضة و التنوير   و الإصلاح الديني و كلها أسهمت بطريقة أو أخرى في تعبيد الطريق لفرد يكون مؤهلاً لخوض تجربة الديمقراطية و كذلك فأن الترويج للديمقراطية يلغي أنها قد تؤدي أحيانا لنتائج كارثية ، كما حدث عندما أفرزت هتلر   ( و آخرين من مشعلي الحروب الحاليين أيضاً وصلوا عن طريق الديمقراطية ) . كما إن الديمقراطية لم تنجح دوما في تحقيق الازدهار الاقتصادي  على الأقل عندما طبقت خارج سياقها الحضاري ، فاكبر ديمقراطية في العالم ( الهند ) لم تنجح في القضاء على الفقر فيها بينما نجحت الصين ( ذات الحكم الشمولي البعيد عن الديمقراطية )  في أن تحقق قفزة اقتصادية هي الأهم و الأكبر في الاقتصاد العالمي .

ليس هذا طبعاً ترويجاً للاستبداد ، فليس هناك ما هو أبغض منه إلا ذلك التصور  انه لا بديل عنه   سوى “النقل الحرفي” للنتائج الأخيرة لتجارب الآخرين وهو نقل ينفي وجود اختلافات في طبيعة  المجتمع  ، ليس اقلها وجود اختلاف كبير في نسب التعليم و الأمية ،  الأمر الذي سيفرز طبقة واسعة من الناخبين الأميين أو قليلي التعليم الذين يسهل جرهم الى صندوق الاقتراع لهذه الجهة أو تلك وسط نزعات و واجهات انتخابية تستفز العقل- أو اللاعقل؟- (الطائفي  أو العشائري  أو العرقي) و سينتج عن ذلك كله تهميش للطبقة الأكثر وعياً ، الطبقة الوسطى -” الهشة ” أصلاً في مجتمعاتنا -التي ستجد نفسها في موقف لا تحسد عليه ، و ستترحم على مكاسبها  النسبية ” الضئيلة أيضا ” أيام الاستبداد و هو أمر كان يمكن تداركه ليس عبر الإبقاء على الاستبداد و لكن   عبر إحداث تغيير في آليات الانتخاب بطريقة تضع الاعتبارات السابقة في الحسبان أكثر مما تضع الحرفية  في النقل كاعتبار …

” و النقل الحرفي ” للآليات الديمقراطية ، يتجاوز حقيقةً إن الفرد عندنا ، الذي هو النتاج   الأخير لثقافة سلبية نتجت في عصور الانحطاط ، سيتفاعل هو و مفاهيمه مع صندوق الاقتراع بطريقة مختلفة تماما عن فرد “النسق   الحضاري الغربي”     فمن السهل ، على سبيل المثال، أن  يتم إقناع هذا الفرد بان ينتخب من اجل الفوز بالآخرة و ليس من اجل الوصول الى حكومة تقدم  ” دنيا أفضل ”  و هذا أمر اخطر مما قد يبدو للوهلة الأولى ، فحكومة انتخبتها من اجل الآخرة لن  تتمكن من محاسبتها على إنها لم تقدم لك ” دنيا أفضل ” ، كما إن فشلاً   لهذه الحكومة قد يفسر بنفس الآلية على انه “ابتلاء و امتحان  من الله عز و جل”  ،و هو أمر سيجعلنا ندور في حلقة مفاهيم مفرغة لن تخترق  بدورة أو دورتين يؤدي فيها الفشل  إلى إعادة لتقييم المفاهيم السلبية ،   فهذه المفاهيم تكونت عبر القرون و هي محصنة ” ظلماً ” بتأويلات معينة للنصوص الدينية ، و الوقت وحده-مهما طال- لن يكون كفيلا بحلها و إزالتها….  

 هذه المفاهيم تحتاج  إلى “ثورة ثقافية شاملة ” تطهر و تنقي ما علق من مفاهيم سلبية نتجت من عصور الانحطاط المتأخرة و تتمخض عن ولادة إنسان جديد فاعل و ايجابي و قادر على أداء واجبه بتوازن مع مطالبته بحقه و ليس من المطلوب من ثورة   ثقافية بهذا المستوى أن تتبع  خطوات الإصلاح الديني اللوثري الكالفيني حذو القذة بالقذة و لا حتى أن  تصل  إلى نفس النتيجة التي وصلت لها ” الديمقراطية ” الغربية بل أن تكون اقرب لمنطقاتها و أهدافها وتنتج  وسائلها وآلياتها الخاصة بها..

إلى أن يحدث ذلك، أعتقد أن خير ما يمكن القيام به لتسريع ” تمكين القيم ” هو إعطاء وزن أنتخابي أكبر للطبقة المتوسطة، ليس بحرمان الآخرين من الانتخاب، بل بمنح ( كوتة ) نسبية تعطي حجما أكبر لهم في الهيئات التشريعية المنتخبة، ليس لأن الطبقة الوسطى لا تخطأ ولا تخدع، ولكن لأنها أكثر قدرة على مراجعة أخطائها والتخلي عن خيار أثبت فشله.

رابط مختصر https://ahmedkhairi.com/2022/01/21/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%85%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%b7%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d8%b4%d9%83%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b5-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%84/
مقالات

تصفّح المقالات

Previous Post: هؤلاء هم الـ 112 الأكثر تأثيرا في العالم العربي
Next Post: أحمد خيري العمري في حوار مع ” الوقت”: مواجهة أزمة الفكر لا بد أن تؤدي إلى القطيعة مع إرث عصور التخلّف

Related Posts

اللا قرآنيون -2- : قطع الرأس علاجا للصداع… مقالات
بين نظرية المؤامرة و نظرية اللامؤامرة مقالات
حدثنا مالك قال! مقالات
ربيع عمر “الآخر”…. مقالات
النهضة المجهضة: قوة العامل السلبي مقالات
السيرة الذاتية لجرح غير ملتئم د.أحمد خيري العمري مقالات

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2025 أحمد خيري العمري.

Powered by PressBook Masonry Dark