17 ديسمبر 2021
في النهاية، سنتعرض جميعا بالتدريج للزوال.
نذهب، يبكون علينا، ثم يتعودون غيابنا، لا ينسوننا تماما ولكن يتلهون عنا بمطحنة الحياة..
تبهت الصورة في الأذهان، وتضعف الذكريات في الذاكرة، ويغادر الذكر الألسنة…
ثم يأتي يوم كأننا لم نكن أصلا.
مثل جدار حفرنا عليه أسماءنا في لحظة حاولنا التمسك بفرحتها، ثم تراكمت على الجدار الأسماء، وأعيد صبغه عدة مرات،
تزوره بعد عقد من السنين لتبحث عن اسمك وأسماء من كانوا معك وتلك الفرحة العابرة، …فتعرف أنك تقريبا مررت دون أي أثر.
****
بعضنا لديه فرص أفضل، ربما بينه وبين ربه شيء لا نفهمه، يذهب ولكن يبقى أثره وذكره عبر محب وفي قرر أن يتحدى تراكم النسيان وآليات الزوال…
كنت محظوظا إذ تشرفت بالقرب من هذا البعض..
وكنت شاهدا على الوفاء والعرفان عندما يتحول من مجرد شعور إلى بناء شامخ..
*****
توفت والدة زوجتي د. نهلة الشابندر، قبل أكثر من أربع سنوات اثناء ذهابها لأداء العمرة…كل من عرفها من أقاربها أو معارفها او مريضاتها أدرك أن وفاتها المفاجئة في المكان والزمان كانت جزءا من قدر كتبه الله لها بحيث تدفن في مدافن الصحابة في البقيع…
لا أعرف أحدا ينافسها قي فعل الخير ومساعدة المحتاجين، ولا أريد أن أحول المنشور إلى حديث عن أعمالها الخيرية فقد كانت لا تحب الحديث عن ذلك..
اليوم كنا بافتتاح مسجد يحمل اسمها في ناحية الكرمة محافظة الأنبار، بناه رفيق دربها د. محمد صالح العاني بصمت ودون ضجيج.
****
اسمها محفور في قلوبنا، وليس على حجر فوق بوابة المسجد..
لكن قلوبنا ما تلبث أن تضعف، وتهرم، ثم تدخل في مرحلة الصمت الحتمي…
أما ذاك الحجر، فله فرص في البقاء بأكثر من متوسط أعمارنا..
وسيبقى يحمل اسمها جالبا الرحمات لها، بعد أن نذهب جميعا، بكثير….