ما الذي يجعلنا نقرأ كتابًا عن سيرةٍ نعرف مسبقًا كل أحداثها؟ ربما لأننا في كل مرة نقرأ عنها نشعر بالمزيد من القرب منه عليه الصلاة والسلام، ونحن نحتاج دومًا إلى المزيد من ذلك. وربما لأننا نعرف أن هناك دومًا المزيد مما لم ننتبه له في المرات السابقة، وأن في كل مرة ثمة كنوز تخرج لم تكن قد اكتُشِفت بعد في المرات السابقة… وربما لأن السيرة أصبحت جزءًا منا، من ذاكرتنا وهويتنا، مهما بعدنا، ومهما قصرنا، ومهما وضعنا أقنعة مختلفة واستعرنا هويات أخرى، شيء ما في أعماقنا لا يزال يحمل بقايا هوية تماهت مع سيرته عليه الصلاة والسلام، نعود إليها دومًا كما لو لنتفقد الطفل النقي في داخلنا، كما لو لنتأكد من أنه في أمان. أمانه يعني أننا لا نزال، بطريقة ما، ولو بحد أدنى، بخير. أو ربما لأنهم يحاولون تشويهها بشتى الوسائل، فإننا نعود إلى سيرته عليه الصلاة والسلام لنتأكد من أنهم مهما حاولوا فإنهم لن ينالوا منها